English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

2022-10-30

السلطانه نخشديل

 تقول الاسطورة أنه في أحد الأيام ذهبت طفلة فرنسية صغيرة إلى سيدة تقرأ الكف على سبيل الدعابة و اللهو و قد اخبرتها السيدة " انها ستصبح صاحبة شأن و نفوذ في بلد ما " سخرت الطفلة من كلام السيدة و تجاهلته و لكنها لم تكن تعلم انها ستصبح واحدة من اقوى سلطانات آل عثمان 👑



تلك الطفلة هي ايمي دي ريفيري التي ولدت في ٤ ديسمبر عام 1768 ونشأت وسط عائلة فرنسية متدنية و ثرية و كانت ابنة عم بعيدة للامبراطورة جوزفين امبراطورة فرنسا و الزوجة الاولى للامبراطور نابليون بونابرت.


 و قد الحقها والدها بمدرسة راهبات في مدينة نانت غرب فرنسا و في احدى الايام كانت ايمى على متن سفينة بالقرب من بلادها فرنسا ، لكن في تلك الاوقات قام مجموعة من القراصنة بمهاجمة السفينة و اختطفوا ايمي و باعوا لحاكم الجزائر الذي اشتراها و لشدة جمالها قدمها كهدية للسلطان العثماني آنذاك عبد الحميد الاول.


تم ضمها الى حرملك السلطان و استطاعت إيمى ان تكسب حب السلطان بجمالها الآخاذ و ذكائها ، فأصبحت جاريته المفضلة بعد فترة انجبت له ولد اسمه الامير مراد سيف الله ثم انجبت سلطانة اسمها صالحة وكلاهما توفي في الصغر لكن قبل وفاتهم تعاظم نفوذ ايمي ورأت نفسها في مكانة اعلى من " جارية" و اقنعت السلطان الذي لم يرد لها طلب بأن يتزوجها و بالفعل تزوجها السلطان و حصلت على لقب "سلطانة " كما غير السلطان اسمها الى "نخشديل" ولكنها رفضت تغيير دينها " المسيحية الكاثوليكة" و تزوجها السلطان العثماني على دينها مخالفة بذلك قواعد الدولة التي تفرض على السلطان ان يتزوج من امرأة مسلمة لكن إيمى كسرت هذه القاعدة لتكون بذلك اول سلطانة عثمانية كاثوليكية.


و شئ فشئ تعاظم نفوذ نخشديل و خرج تأثيرها من دائرة الحرملك حتى وصل لسياسية الدولة العثمانية فبحسب بعض المصادر يُقال انها عرضت علي زوجها السلطان اعادة تنظيم الدولة على الطريقة الفرنسية و الغاء فكرة الانكشاريين و استبدالهم بجيش نظامي كما قامت بتغيير بعض اجزاء من قصر توبكابي ليكون مثل قصور فرنسا و اقنعت زوجها السلطان بتعلم اللغة الفرنسية و نجحت في اعادة العلاقات الودية بين فرنسا و العثمانين.


كل هذا ادى الى تأجيج حقداً علانياً عليها من قبل حرم السلطان الاخريات الذي تأمروا عليها و قاموا بقتل ابنها الرضيع الا ان بعض المصادر قالت ان توفي بسبب مرض الجدرى و توفيت ابنتها ايضا السلطانة صالحة ، مما جعل نخشديل تدخل في حالة من الحزن و الاكتئاب و عرض عليها زوجها السلطان ان تربي ابنه "الامير محمود" السلطان محمود الثاني فيما بعد خصوصا ان والدته كانت قد توفت ، و وافقت نخشديل و اشرفت على تربية الامير محمود الذي كان يعتبرها والدته و لا يرفض لها طلب ابداً.



و بحلول شهر ابريل عام 1789 توفي زوجها السلطان عبد الحميد الاول و بعد وفاته تولى الحكم اخيه سليم الثالث و لكن تم عزله لاحقاً ليتولى مصطفي الرابع الابن الاكبر  للسلطان العثماني عبد الحميد من زوجته الاولى السلطانة عائشة التي سعت للتخلص من نخشديل و ابنها محمود و لكن نخشديل استطاعت الهرب مع ابنها و بعد ١٣ شهر تمت الاطاحة بالسلطان مصطفى و اعدامه.


و  بموت السلطان مصطفى ، اشرق شمس نخشديل مرة اخرى ، فأصبح ابنها محمود هو السلطان الثلاثين للدولة العثمانية و لقب رسمياً بالسلطان محمود الثاني عام 1808 بينما حازت نخشديل على لقب السلطان الأم 👑


يعتبر محمود الثاني واحد من السلاطين العثمانين الذي اخذوا خطوات الاصلاح بشكل كبير ومع ذلك كان يخضع لسلطة والدته نخشديل حيث في عهده تم القضاء على الانكشارية ،كما كان اول سلطان عثماني يستبدل العمامة و الملابس التقليدية لسلاطين آل عثمان بملابس اوروبية ، كما اجرى عدد من التحديثات في الدولة العثمانية على النمط الاوروبي و كان معروف بسياسيته التي تميل للغرب و العلمانية. اطلق عليه بعض المؤرخين " السلطان الإصلاحي" رغم ان في عهده تقلصت مساحة الدولة العثمانية بشكل ملحوظ و فقدت عدة من ولايتها الهامة إما نتيجة الاحتلال مثل الجزائر او سعيهم للاستقلال مثل اليونان و مصر و الشام.


بعد مرور 8 سنوات فقط على اعتلاء ابنها العرش و تحديداً عام 1816 ، أصيب السلطانة نخشديل بمرض السل ، احضر لها ابنها السلطان اطباء من شتى انحاء العالم و لكن عجزوا عن إيجاد دواء لها و ظلت طريحة الفراش و في يوم 21 اغسطس اشتد المرض على نخشديل و ذهب لها ابنها السلطان محمود و ظل يبكى بجوار سريرها و سألها عن أخر امنية لها فطلبت منه احضار قسيسا كاثوليكيا، تفاجئ ابنها السلطان بطلبها و لكنه حقق لها امنيتها الاخيرة وكانت أول مرة يدخل قسيس كاثوليكي قصر الحرملك العثماني، وقد لفظت انفاسها الاخيرة في 22 أغسطس 1817 بعد ان حملت لقب السلطانة القرينة لمدة 26 سنة و لقب السلطانة الام لمدة 9 سنوات و قد صُنفت كواحدة من اكثر السلطانات نفوذاً وتأثيراً في تاريخ آل عثمان.


وبعد وفاتها انشأ ابنها السلطان نافورة (سبيل) تُعرف باسم "نخشديل سلطان" تخليداً لذكرها.🥀

0 اكتب تعليقك قبل ما تمشي: