English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

2023-03-26

لعنة نجوان

 

حدوتة ٤
( لعنة نجوان )



لم يسلم ملوك وأمراء محمد على من محاولات الاغتي.ال لكن بعض هذه المحاولات لم تكن دوافعها سياسية، مثل محاولة الأمير سيف الدين اغتيال الملك فؤاد، وقت أن كان أميراً ولم يصبح بعد سلطاناً أو ملكاً على مصر، وذلك بإطلاق الرصاص عليه فى نادى الخديو في شارع عبد الخالق ثروت؛ النادي الدبلوماسي حاليا. وكان الأمير فؤاد أصغر أبناء الخديو إسماعيل، قد عاد إلى مصر من إيطاليا التى كانت لفترة منفى الخديو إسماعيل، وهناك تعلم فؤاد وأصبح ضابطاً بالجيش الإيطالى، ثم عاد إلى مصر ليعيش حياة كلها ترف وطيش وإسراف. واشتهر الأمير فؤاد بأنه «الأمير المفلس»، فعلى الرغم من أنه كان أميراً فقد كان يعانى من الضائقة المالية على الدوام ويقترض من هذا ومن ذاك. حتى نصحه البعض بأن يبحث عن عروس ثرية من الأميرات. ووقع اختيار فؤاد على الأميرة شويكار، التى كانت شابة جميلة تعيش فى قصرها، قصر رئاسة الوزراء الآن، مع شقيقيها الأصغر منها الأمير وحيد الدين والأمير سيف الدين

وأقيم حفل عرس كبير شهدته القاهرة، وانتقلت شويكار للإقامة فى قصر الزعفرانة مع فؤاد  ولم تستمر أيام العسل طويلاً بالعروسين، إذ سرعان ما كشف فؤاد عن جشعه وانتهازيته، وبدأ يسىء إلى زوجته ويضغط عليها حتى تعطيه توكيلاً لإدارة ثروتها وأملاكها، وهو سببه الحقيقى فى الزواج بها. وعندما رفضت شويكار بدأ فؤاد يعتدى عليها بالضرب، وحبسها فى قصر الزعفرانة، لكنها تمكنت ذات يوم من الهرب وعادت إلى قصرها، وروت كل ما حدث من إساءات وإهانات فؤاد لها لشقيقها الصغير الأمير سيف الدين، الذى تأثر للغاية، وكان يحب شقيقته حباً جماً. وسرعان ما ظهر فؤاد وقام بانتزاع شويكار وشتمها أمام شقيقها الأصغر، الذى حاول منعه فما كان من فؤاد إلا أن صفعه بشدة، واصطحب شويكار معه عنوة. وبيت الأمير الشاب سيف الدين النية على الانتقام من فؤاد الذى أساء إليه وإلى شقيقته شويكار، ومن اليوم التالى اشترى مسدساً، وظل يبحث عن فؤاد حتى عثر عليه فى النادي، وأطلق عليه عدة رصاصات، وأصيب فؤاد لكنه نجا من الموت. وتم القبض على الأمير سيف الدين الذى لم ينكر التهمة، وأحيل إلى المحكمة، التى حكمت عليه بالسجن سبع سنوات تم تخفيفها إلى خمس سنوات، وترافع عنه المحامى الكبير إبراهيم بك الهلباوى، الذى كان يطلق عليه «شيخ المحامين»،

وصدر الحكم على الأمير سيف الدين بالسجن سبع سنوات من محكمة أول درجة

كان الأمير ضعيف العقل سريع التهيج وأنه أطلق الرصاص فيما مضى على نفر من الأتباع بلا مبرر معقول أو مسموع يقام له وزن. والواقع أن المحامين عن الأمير أمام محكمة أول درجة قد تورطوا فى إيراد الشواهد وإيراد الأدلة من المراجع، ولم يديروا الدفاع حول محور «أنه ضعيف العقل» وجدير بالمحكمة أن ترسله إلى مصحة للأمراض العقلية بدلاً من أن تزج به فى غيابة السجن يشقى مع المجرمين جزاء وفاقاً لما جنت يداه.

كان محور المرافعه أن الأمير ضعيف العقل، ودلل المحامى على ذلك  بإيراد حوادث اعتدى فيها الأمير على أفراد حاشيته وخدمه..

فإنه ذات مرة نادى على خادم قريب منه فلم يلب النداء، فدخل فى وهمه أنه تعمد التصامم على ندائه، فأطلق عليه مسدسه كيما يتأدب مع سيده وولى نعمته، ولا أظن أن المسكين تعلم هذا الدرس فى «الإتيكيت» وهل يتعلم الموتى؟! وذات مرة أطلق الرصاص على سائق عربته «الفتيون» فى الجزيرة، لأنه أمره بالإسراع وإلهاب ظهور الجياد عقاباً لها على أنها «حرنت» فى الطريق، فخشى السائق أن تزداد «حرناً» إذا ألهبها بالسياط، لكن الله سلم واخترقت الرصاصة أجواز الفضاء ومرت جنب أذنه، أذن السائق المذعور.. وأطلق الأمير وهو فى ريعان الشباب رصاصات أخرى فى مناسبات شتى ما كان أحراه أن يضن بها. ومن طريف ما حدث أن المحكمة اعتبرت الأمير مسئولاً عن تصرفاته إلى حد ما، على اعتبار أن الجنون على درجات، لكنها خفضت الحكم من سبع سنوات إلى خمس، وبعد مدة أخذت السلطات العليا برأي المحامى فأرسلته إلى مصحة الأمراض العقلية فى إنجلترا، وأجرت عليه مرتباً سنوياً قدره 2000 جنيه من ريع أملاكه.

. لكن قضية الأمير سيف الدين لم تنته بعد الحكم عليه بالسجن، بل كانت هناك شبه مؤامرة تم فيها تسفيره من مصر وإيداعه فى مصحة عقلية على أطراف لندن، ووضعت ثروته الطائلة تحت وصاية لجنة من القصر الملكى الذى تربع فؤاد على كرسيه. وظل الأمير سيف الدين حبيس المصحة العقلية فى بريطانيا سنوات طويلة، وعندما فشلت كل مجهودات أمه «نجوان هانم» لإطلاق سراحه، دبرت خطة لهروبه من المصحة مع اثنين من الممرضين بمساعدة مخبر خاص أمريكى!

وفى الباخره؛ اقترب قائد السفينه نحوهما حين علم بهويتهما الحقيقيه؛ وربما كان ينوى إعادتهما إلى القاهره ؛ وقتها لعنته نجوان هانم فى قرارة نفسها ؛ فإنه سوف يعيد إبنها مره أخري إلى حيث كان بعد أن تكبدت كل هذا العناء؛ وما هى إلا دقائق وسقط القائد على الأرض بعد أن صعدت روحه إلى بارئها ؛ وأصبحت لعنة نجوان من طرائف و غرائب أسرة محمد على يتناقلوها من جيل إلى جيل .

وبالفعل تم تنفيذ خطة الهروب، وسافر الأمير الهارب إلى الأستانة ونجح فى الوصول إليها، رغم مطاردة بوليس إسكوتلانديارد له فى كل أوروبا، وفى الأستانة تم علاجه وتزوج. وأقامت والدته «نجوان هانم» قضية فى مصر تطالب فيها بإعادة ثروته، وقد ترافع فى هذه القضية مصطفى باشا النحاس، لكن فؤاد والقصر وحاشيته حاولوا استغلال ذلك فى الهجوم على الوفد وزعيمه. وفشلت هذه المحاولة، لكن تلك قصة أخرى. ورغم ذلك فقد مات الأمير سيف الدين دون أن يحصل على ثروته الطائلة ويقال أنه توفي منت.حرا . وطالبت مصر بإعادة جثمانه من الأستانة، لكنه ظل مدفوناً هناك، مع أسرار حكايته الغريبة!

#حواديت_إيمان

0 اكتب تعليقك قبل ما تمشي: