الأميرة جاويدان 🧡⭐
كان الامير عباس حلمي ولى عهد عرش مصر بيدرس فى مدرسة عسكرية فى فيينا وهناك اتعرف على واحد زميله اسمه جوزيف ابن كونت نمساوي ؛ و هتكون أخته هيا جاويدان وده هيكون سبب التعارف بينهم
فى ١٨٩٢ رجع الأمير عباس حلمي لمصر اول ما عرف خبر وفاة والده الخديوى توفيق ؛ واستلم عرش مصر و بقي لقبه الخديوى عباس حلمي الثاني وهو ١٨ سنه . وبسبب صغر سنه كانت والدته مسيطره تماما عليه وعلى القصر فى بداية سنوات حكمه ؛ مثلا كانت مانعه اى حد سواء رجل او امراه يكون فى خدمة جناحه بالليل ؛ و الوضع ده كان متضايق الخديوى جدا لانه اوقات بيكون محتاج حد يخدمه باليل و هدد أنه هيسيب القصر وينتقل لقصر تاني من غير والدته ؛ و من هنا رضخت امينه هانم إلهامي وبعتتله ٣ جواري ....
حاولت والدته توثق وجود ابنها الشاب الصغير فى الحكم فهتروح الاميره أمينه إلهامي للسلطان عبد الحميد الثاني وتطلب ايد بنته السلطانه نعيمه واللى كانت اصغر من الخديوي عباس حلمي بسنتين ؛ ووافق فعلا السلطان لكن فى حد قاله لو بنتك اتجوزت منه يبقي كده ابن خديوى مصر هيكون له حق في العرش العثماني فتم إلغاء مشروع الزواج ؛ ورجعت امينه هانم إلهامي مصر عشان تلاقي أن فى جارية من ال ٣ جواري اللى كانت بعتتهم لابنها بقت حامل منه ؛ فقررت أن ابنها يتجوزها وكانت الجاريه هيا إقبال هانم ؛ كانت من القرم واتخطفت من أهلها واتباعت فى سوق الجواري ووصلت القصر .
********
نرجع للاميره جويدان مع الخديوي ؛ اتقابلوا تاني فى باريس عام ١٩٠٠ بعد ٨ سنين من توليه العرش ؛ واحبا بعضهما البعض ودعاها لزيارة مصر ؛كانت ماريانا Szendri Török امرأة متزوجة فى الوقت ده من البارون السويدي آرثر فون كلينجسبور ،و كان عليها الانتظار حتى وفاة زوجها قبل أن تتمكن من الدخول في زواج رسمي.
وفى ٢٨ فبراير ل 1 مارس ١٩١٠ كان زفاف الخديوى عباس حلمي الثاني من امراه من اختياره ولم تفرض عليه ؛ و طلق مراته الاولى اقبال. وتم الزواج في قصر المنتزه بالإسكندرية بحضور مفتى الازهر وذلك بعد أن اعتنقت الاسلام وغيرت اسمها من ماريانا إلى جويدان بنت عبد الله ( كانت عاوزه تسمي نفسها زبيدة فى البدايه ) وبيقال أن احمد شوقي امير الشعراء كان شاهد على الزواج ؛ وعاشوا الاتنين فى قصر مسطرد ( مش موجود حاليا ) .
***********
سافرت مع الخديوى فى جولاته داخل المملكه المصريه وخارجها وذلك عن طريق تنكرها فى هيئة رجل ؛ حيث إن القوانين فى هذا الوقت كانت تمنع انضمام الزوجه فى الجولات
كانت جويدان عازفة بيانو ماهره وتهوى الرسم والكتابه وقد قامت بكتابة مذكرات عن تفاصيل حياتها مع الخديوى عباس حلمى ووصفت فيه الحياه فى القصور فى مصر فى ذلك الوقت ووصفت نظام الحريم وعلاقة الخديوي بالسلطان العثماني عبد الحميد الثاني
********
مقتطفات من مذكرات الأميرة :
"لا توجد امه في العالم تتفنن فى افراحها مثل المصريون مهما كلفهم ذلك ؛ وكثيرا ما يكون حفل الزفاف سببا فى افلاس بعض العائلات ؛ وأكثر النفقات تكون فى ليلة الخطبه فى منزل العروس وليلة الزفاف في منزل العريس"
حضرت الاميرة حفل زفاف ابنة احد الباشوات؛ وكانت العروس تبلغ ١٣ عاما ومريضه بالتهاب رئوى شديد ؛ ولكن لم يتم تأخير الزفاف لسببين وهما ان المصريين يتشاءمون من تأجيل الزفاف عن موعده وبسبب استدعاء الفرق الموسيقيه والراقصات مما قد يكبد الاهل خساره كبيره
فى الساعه الثامنه مساءا قامت وصيفة الاميره جويدان بمساعدتها في ارتداء الملابس ووضع اليشمك وتثبيته فى ( الهرطوس ) وركبت العربه لحفل الزفاف
وقتها كانت العروس فى ال ١٣ والعريس في ال ١٨
عند وصول عربة الاميره تم ذبح الذبائح امام العربه إكراما لها ... وعند وصولها إلى باب الحريم نزعت قناعها ومعطفها واستقبلتها على رأس السلم وداد هانم والدة العريس مع والدة العروس وقام النساء بتقبيل ثوب الأميرة رغم محاولاتها بالمنع واعدوا لها مقعدا من الكشمير وباقي السيدات على وسائد من الحرير
ثم جاءت ال قهوجى كلفا وهى سيده مهمتها تقديم القهوه وكانت التقاليد بأن تكون زوجة الخديوى اولى البادئات بالشرب وهن من بعدها ... وتلك كانت القهوه الاولى ويتبعها قهوات فمن عادة المصريين فى ذلك الوقت انهم يديرون القهوه على الجميع كلما جاء ضيف جديد
أرادوا احضار العروس لها ولكنها رفضت وذهبت الأميرة لها وهى على مقعد عال فكانت كالتمثال المعروض ؛ كانت ترتدى ثوبا من الاطلس مرصع بالذهب وعلى رأسها تاج ملئ بالجواهر و من تحته نقاب يشمل كل جسمها مزين بالاحجار الكريمه وفى يديها ورقبتها عقود واساور لا حصر لها
إنحنت امام الأميرة أيضا زوجة احد الوزراء قائله يا صاحبة السمو لقد عجزت عن اختيار هديه تعجب سموكم وليس لى الا ان اقدم اعز ما لدى وهو طفلى البالغ من العمر ٥ سنوات ! ( الأميرة جاويدان لم تنجب ) .
تقول الأميرة جاويدان عن هذا الموقف :
**********
تقول جويدان انها كانت تتناول الغداء مع الخديوى على طاولة صغيره مستديره وهى ترتدى معطف فوق ملابسها وتغطى رأسها بقناع خفيف ... وتلك هى ملابس الظهور امام الرجال .
تصف الخديوى بأنه ماهر بامتياز فى تقشير البرتقال؛ وذو ذاكره حاده ووجه جميل بعيون رماديه تضفي عليه جاذبيه وكان يدللها بقوله يا طفلتى او يا عروستى الصغيره
كانا دائما ما يلعبان سويا كالأطفال ؛ فكانا يلعبان مع الكلاب ويتسابقا فى غرف وممرات القصر او يتسابقا بشرب القهوه بصوت عالى مثل العامه او لفظ نواة الكريز من الفم ليروا من يقذفها ابعد من الاخر وكان الحراس يندهشون من تلك التصرفات .
كان يحدث أحيانا وشايات خاطئه بينها وبين الخديوى وكثيرا ما ارسل لها الخديوى خطابات عنيفه بعد أن يصله اخبار خاطئه عنها ؛ بسبب نظام الجواري؛ وتتذكر أيضا حين ابلغوه انها تدخن في نهار رمضان وجاء ينظر إلى منفضة السجائر بطرف عينه
*********
ذكرت جويدان عن يخت المحروسه ان القيصره اويجينا اهدته إلى الخديوى إسماعيل جد زوجها الخديوى عباس حلمى الثانى وتصفه بالفاخر جدا
تحدثت عن وصيفتها ( هرملين ) ومدربتها على الالعاب الرياضيه ( مايسكى ) ... وايضا عن سعادتها بتناول الايس كريم ( الدندرمه ) فى وقت العصر وتذكر أن الخديوى كان يفضلها بالقشطه .
***********
كان فراش جويدان مغطى بناموسيه ليحمى جسمها من عضات البعوض وكانت تمكث في الإسكندرية مع الخديوى مده قصيره أثناء الصيف او الخريف وباقي العام في القاهره ؛ وتقول ان الفصول الاربعه تكاد تكون لا معنى لها فى بلد تشرق فيه الشمس دائما ؛ والقاهره كانت مقر الحكم والعمل والتشريفات الرسمية .
*********
وفى الصباح وصل القطار إلى الاقصر وكانت مزدحمه بالناس ومزينه بالأعلام؛ واشتد الحر على فى بدلة ( الردنجوت ) ووددت فك الازرار ولكن هذا لا يجوز فأنا مجرد سكرتير واقف إلى جانب خديوى مصر وحاكم النوبه والسودان وكردفان ودارفور ..
ومن المضحك ان ابنة الدوق اوف كنوت قد رآتنى وسألت طورنسين باشا عن ذلك الشاب التركى الجميل .
**********
تنكرت الأميرة أيضا بملابس ممرضه؛ حيث ذهبت عند البارونه ( آيور ) رئيسه جمعية الصليب الاحمر لكى تعطيها جواز كممرضه من ممرضات الصليب الاحمر وان تقوم ممرضه بصحبة الاميره فى رحلتها وقامت الخياطه بإعداد ملابس ممرضه وهى لا تعلم أن من سوف ترتديها اميره وليست ممرضه
وقامت خادمتى ( هارملين ) بإعداد ملابسي القطنيه والاحذيه التى بلا كعب؛ وصممت على وجود الكولونيا والعطور وملابس نوم حريريه
وانطلق بنا القطار إلى الاسكندريه لتمريض سيده عجوز ، وكنا نجلس بالدرجة الثانيه؛ وكان لابد لى من تقبيل يد رئيسة الممرضات وقد قمت بذلك فعلا وذلك عن احترام وتقدير منى لها
وبدافع العاده أخرجت علبة السجائر وهممت بالتدخين ولكن الأخت( هلدجارد ) افهمتنى ان هذا لا يتفق مع تعاليم الممرضات؛ كما أيضا لا يسمح للممرضات بالسفر فى عربات النوم الا فى حالة وجود مريض فنمت تلك الليله فى مكانى وكانت كلما مالت رأسي اختل نظام وضع الباروكه وأصبح منظري مضحكا
الطريف أن الخديوى لم يستطع أن يتبين فى هذه الرحله الاسم والشكل الذى تنكرت به وهذا دليل على اتقانى الشديد للتنكر "
***********
كانت الاميره جاويدان تحب الاسيتانه حبا شديدا ؛ فهناك كانت هى والخديوى بعيدين عن رسميات القصور في مصر وحتى استقبال الخديوى يكون خال من الصيغه الرسميه
وفى يوم السفر ذهب الخديوى إلى محطة جالاطه لركوب قطار الشرق السريع وقبل موعد السفر بساعتين غادرت انا فى زورق بخاري وكانت تتبعنا سفينه من جواسيس قصر يلديز ولكننا تمكننا من خداعهم... فما اجمل ان تكون المرأه زوجه لخديوى مصر ويقول لها افعلى ما تشاءين.."
**********
كانت بتحب تروح مع الخديوى ملهى ( فورا ) وهو أكبر ملاهى باريس .وكان الخديوى يستشفي غالبا فى ( ديتور ) بالقرب من جينيف فكان يذهب إليها في الصيف ؛ وحدث مره انها بعد العشاء دخلت احد صالات لعب القمار وتعصب الخديوى فهو كان يبغض المال المكسوب بلا تعب كما كان يكره أن يخسر المال بلا مبرر
وبتحكي الاميره أن كان من عادة صاحبة مخزن الموضه فى باريس ان تهديها هيا والخديوي زهره جميله بمجرد وصولهم وتعرض عليهم أحدث ازياء القبعات لتختار الاميرة منها على الاقل دسته لاستعمال أثناء رحلتها في اوروبا وكان الخديوى لا ينظر كثيرا إلى المجموع الكلى على حين انه كان يدقق في المفردات؛ فمثلا لا يهمه أن يدفع ١٠٠ الف فرنك ثمن الملابس كلها ولكن اذا قرأ ان هناك فستان ب ٨٧٥ فرنك فإنه يري أن هذا مبالغ فيه لذلك كان البائعون يكتبون تلك الأسعار بأرقام صغيره حتى لا يتمكن الخديوى من قرائتها .
وعندما ذهب الخديوى إلى الحج أرسل لها ببغاء اشتراها من هناك تدعى( الحاجه فاطمه ) وخصصت لها غرفه بالسرايا وكانت تثور وتصيح عند رؤية الخديوي وربما كان ذلك بسبب لون طربوشه الأحمر .
*********
تقول جويدان رغم أن تم التقاط صور لها كثيره الا انها لا تعجبها كلها فهى تري انها تظهر وجهها كوجه الاطفال؛ وإن افضل صوره لها هى التى التقطها احد المصوريين الاجانب أثناء حفلة المحمل في ساحة القلعه .
واحتفال المحمل كان يضم الجماهير من كل الاجناس؛ الجنود تصطف في الساحه ؛ ومكان مخصص لنساء الوزراء يفصله عن الجماهير كردون من العساكر؛ ثم يأتى الخديوى فى عربة تجرها أربعة من الجياد بعد اكتمال الضيوف؛ ويقف فى مكانه المخصص وحوله الوزراء ورجال الدين والمشايخ؛ ثم يأتى الجمل الذى يحمل كسوة الكعبة المشرفة ويقوده احد المشايخ ويسلم الخديوى طرف الكعبه ويقبلها ويضعها على جبهته ثم يأخذ بزمام الجمل ويسلمه إلى أمير الحج ؛ كل هذا والموسيقى تصدح والنقود توزع على الجماهير
وحين التقط المصور الانجليزى الصوره ؛ رأه الخديوى وتعامل معه الضباط وسحبوا منه آلة الكوداك؛ وكانت جويدان تتمني أن يتم تصويرها وهي تعزف على البيانو.
**********
تقول جاويدان :
"تعلمت اللغه العربيه على يد البروفيسور والمستشرق العظيم ( هس ) فى سراي مسترد؛ وعلمنى الإسلام من آيات القرآن الكريم؛ وكنت اقابله مرتديه معطفى وعلى رأسي غطاء ؛ واذكر انهم طلبوا مني يوما ان اغطى كفى أيضا وتعجبت لهذا جدااا فكيف لمعلمى الذى يري روحى لا يحق له رؤية يدى ؟!"
وفى ( فيشي ) رأينا أرملتى الخديوى إسماعيل جالستين فى شرفة الفندق وعلى وجهيهما النقاب الابيض وهما يدخنان ويستمعان إلى الموسيقي ؛
وبعد أن أصبح زوجي خديوى مصر اذا رآنى أقرأ كتابا فكان يقول ( من هذا الحيوان ؟ )
وتقول أيضا الاميره انه كان يحدث أحيانا وشايات خاطئه بينها وبين الخديوى وكثيرا ما ارسل لها الخديوى خطابات عنيفه بعد أن يصله كالعاده اخبار خاطئه عنها ؛ وكل هذا بسبب نظام الجواري اللعين؛ وتتذكر أيضا حين ابلغوه انها تدخن في نهار رمضان وجاء ينظر إلى منفضة السجائر بطرف عينه "
**********
اتكلمت عن تلك الليله المشئومه لما كانت موجوده مع الخديوى امام المدفأه؛ حينما حدثها عن علاقته ب ( جورجيت ميسنى ) تلك السيده التى ارتبط بها أثناء زواجه من الاميره جويدان...
وتتحدث ان علاقتهما احترقت في تلك اللحظة مع نيران المدفأة؛ ووصلت جويدان إلى بداية حياه لا توجد لها نهايه
وتم الطلاق بين الخديوى والكونتيسه فى ١٩١٣ بعد ٣ سنين زواج ؛ ومفاتش سنه بعد الطلاق ؛ و سنة ١٩١٤ اتعرض الخديوي لمحاولة اغتيال فى تركيا و بعدها يتم عزله عن العرش على ايد الإنجليز ويعيش في تركيا و يعاصر إنهاء الخلافه على ايد اتاتورك و يموت سنة ١٩٤٤
أما جوايدان ؛ فرجعت أوروبا بعد الطلاق وعاشت فى برلين لحد ١٩١٩ ؛ وفى ١٩٣٨ انتقلت ل فيينا مع شريكها سيمون فون كولاتشكوف واشتغلت فى التمثيل والتأليف المسرحي و عزف البيانو وفتحت صالون تجميل و اشتغلت رسامة لفترة ؛ اتعرفت على رجال من الوسط الثقافي والفني لكن متجوزتش بعد طلاقها من الخديوي وفضلت محافظة على اسمها جاويدان ومرجعتش لاسم ماريا ؛ وفضل الخديوي يبعتلها نفقتها لحد وفاته ؛ وبعد انقطاع النفقة اتنقلت سنة ١٩٥١ لباريس وكانت وقتها بتعاني ضائقة ماديه وانهارت وصرخت فى الشارع و خرجت عناوين الصحف بتقول :
"الملكة المصرية السابقة على شفا المجاعة"
بعد كده راحت لندن وبعدها غراتس فى النمسا وعملت فيها معرض فني كان اسمه ( رؤي على النيل ) ؛
و استغلت الصحافة الصفراء شيخوختها مقابل المال وماتت جاويدان فى ٥ اغسطس ١٩٦٨ تم دفنها في مقبرة سانكت ليونارد فريدهوف في جراز بالنمسا ؛ فى جنازة بسيطه جدا ؛ بعد ما كانت كونتيسة و ملكة وكان عمرها وقتها ٩١ سنه .
ريفيو ساخر عن مذكرات الأميرة جاويدان:
********
0 اكتب تعليقك قبل ما تمشي:
إرسال تعليق