English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

2025-11-14

آرام ألبان

 آرام ألبان

(١٨٨٣-١٩٦١) 









كنا قد سألناكم في بوست سابق عن الرابط بين صورة الملكة فريدة وصورة الأميرة فوزية.. والرابط هو أن الصورتان من تصوير المصور "آرام ألبان".


هو أحد رواد فن التصوير الفوتوغرافي في مصر؛ وهو مصري أرمن وشخصيةً محوريةً في تشكيل فن التصوير الفوتوغرافي الحديث في مصر وأرمينيا.


وُلد ألبان على ضفاف البوسفور في حي الأرمن في اسطنبول وكان والده ناظرا لمدرسة الحي ووالدته معلمة الأشغال اليدوية.

اسمه الحقيقي هو "أرنافوديان" أما سر تسميته ب (ألبان) فقد أطلقت عليه هذا الاسم معلمة الموسيقى حينما كان يعزف الكمان أمامها.


وفي عام ١٨٩٤ عرضت اللجنة الوطنية الأرمينية بالإسكندرية على والده منصبا مغريا وهو منصب المدير العام لمدارس الجالية الأرمينية بالإسكندرية مع ضعف الراتب؛ لم تكن الزوجة متحمسة للانتقال إلى الإسكندرية ولكن العرض المغري كان لا يقاوم؛ فأعدت هدايا البسطرمة لأقاربها في الإسكندرية وانتقلا عبر الباخرة إلى الإسكندرية 

واستقرت أوضاعهم الجديدة نسبيا وتلقى ألبان تعليمًا جيدًا وتعلم الفنون والموسيقى. كان يحلم أن يكون موسيقيا أو أديبا أو فيلسوفا.

وبعد عام جاء لوالده خطابا رسميا إلى منزله بفصله من الوظيفة والاستغناء عن خدماته؛ فوجدوا أنفسهم في بلد غريب بدون عمل؛ وحزن الأب حزنا شديدا حتى توفي كمدا 


 أُعجب ألبان بالكاميرا في سنوات مراهقته، وكان يجوب الشوارع بحثا عن عمل؛ ويستريح عن إستوديو لمصور أرمني يدعى "بيليان" وكان يعمل في حديقة مسرح الهمبرا؛ وانبهر ألبان بهذا الرجل الي يأتي له زبائن كثيرة؛ ويكسب كثيرا من عمل لايغدو مجرد ضغطة على زر آلة بسيطة.. وبدأ يطيل جلساته لديه هو و "تاشجيان" وهو مصور أرمني أيضا ليتعلم ماهية تلك المهنة العجيبة.


ولعبت الصدقة دورها ، فقد سأله يوما ابن عمه ويدعى "كارنيك" ( وكان يعمل نائبا لمدير شركة ترام الرمل) عما اذا كان يعرف مصورا فوتوغرافيا لعمل سهل ومجز لشركة الترام؛ واقترح على الفور ، بلیان ، 

واقنع ابن عمه بالتعامل معه وحصل بلیان على منصب مصور "ابونيهات" الشركة؛ وكانت الشركة تدفع له كل نفقات تصویر اصحاب الابونيهات والكمسارية والموظفين وعشرة جنيهات في الشهر أيضا.


واشتغل مع " بليان ، بهمة وحماسة ، ولم تمض مدة طويلة حتى اتقن العمل ، وعرف اسرار المهنة ، وذات يوم ذهب الى بليان ، وسأله عما اذا كان عمله يستحق ولو هدية صغيرة كمكافاة وضحك بليان ضحكة خبيثة ، وقال له : « طبعا »

وفي اليوم التالي جاءه بصندوق فيه بعض الصور ، وطلب منه ان يعيد اليه الصندوق.

وكان يرى ألبان أن بليان ( خبيثا جشعا) وكان يعش الشركة في كل شيء؛ فصمم ألبان على الانتقام وطلب من والدته إ أن تذهب إلى ابن عمه ، وتبكي اذا لزم الحال ، وتحصل له على العمل بدلا من بليان، وبالفعل ذهبت الأم وبكت بشكل أفضل من التوقعات وعادت إليه بالوظيفة.

وأصبح ألبان مصورا فوتوغرافيا للشركة ، واقامت له كشكا خشبياً في حديقة ادارتها ، وكان أول زبون له كمساريا !


و ازداد طموح ألبان ، فلم يقتنع بأن يكون مجرد فوتوغرافي؛ بل اراد ان يكون فنانا وأن يكون له استديو خاص؛ وذات يوم كان يسير حالما على شاطئ البحر، فقابل المستر "وولر" كبير مهندسي الشركة؛ وسارا سويا وتشعب الحديث ، وصارحه آلبان بطموحاته؛ فسأله:

"كم يلزمك من مال ؟"

 ،وحينها ذكر ألبان أقصى رقم وصل إليه خياله ،فقال: "مائة جنيه"؛ ودهش ألبان حينما جاءه الرد:

"مر على غدا مساء في المنزل ."

وبالفعل زاره ألبان باليوم التالي وتناولا العشاء حتى الساعة الواحدة صباحا وعاد إلى منزله بكرموز بالترام ومعه ١٠٠ جنيه ذهبيا!

وتمكن ألبان من أن يصبح له استوديو خاص في عام ١٩١٠.

******


بدأ تعاون ألبان مع أسرة محمد علي في منتصف العشرينات من القرن الماضي في عهد الملك فؤاد الأول؛ حيث التقط عدة صور للملكة نازلي مع أبنائها وبناتها نالت استحسان القصر الملكي ونشرت لاحقاً بالصحف والمجلات المصرية.


قرر ألبان أن مواهبه ستقوده إلى أبعد من مصر، فترك استوديو الإسكندرية وانتقل إلى مساعده أبكار ريتيان؛ واراد ان ايكون فنانا يحق ، حيث آمن بأن التصوير هو فن عالي جميل ، كالموسيقى والشعر والتحت والتصوير وأن الفوتوغرافيا تستطيع أن تسبق فن الرسم. وعليه فسافر إلى أوروبا ليستزيد من فن الفوتوغرافيا في أوائل عشرينيات القرن الماضي.و؛ ولم تستهواه باريس أو روما أو لندن ولكنه أعجب ب بروكسل؛ واستأجر بها شقة جميلة صغيرة؛ وعاش بها حياة بوهيمية منطلقة ولكن على الطريقه المصرية؛ فأصبح أشهر وأفضل مصور لدى حسناوات بروكسل وتدفقت الأموال إلى يديه؛وافتتح ألبان استوديو في بروكسل، ثم أنشأ فرعًا في باريس بعد بضع سنوات فقط. كان ألبان، الذي يتقن حوالي أربع لغات، موسيقيًا بارعًا وراويًا بارعًا، ولم يواجه صعوبة في جذب طلبات من عالم الموضة والمسرح والسينما والنبلاء.


من بين المصورين الأرمن العاملين في ذلك الوقت، كان ألبان من القلائل الذين اعتبروا أنفسهم ليس مجرد حرفي بل فنانًا. ومع انخراطه التام في جميع جوانب الثقافة الحديثة، حافظ على نظرة رصينة، منجذبًا إلى أسلوب يبدو طليعيًا مع الحفاظ على طابع كلاسيكي مميز. خلال ثلاثينيات القرن العشرين، كان مولعًا بالسريالية بشكل خاص، واستخدم تجارب متنوعة مثل التعريض المزدوج، والتشميس، والقص المربك لإنشاء تركيبات مذهلة. كان استخدام الظلال (التي غالبًا ما كانت من صنعه) أسلوبًا مفضلًا لديه، حيث استطاع من خلاله تحويل مساحة ذات مظهر لطيف إلى قصة حافلة بالتوتر والدراما. ومع ذلك، اتسم أسلوبه بالبساطة، وهو ما أثر بشكل كبير على العديد من المصورين الذين ارتبطوا به بشكل أو بآخر. وقد عزز إدراجه في مختارات "أشكال جديدة" الشهيرة لعام ١٩٣٥، والتي وضعته إلى جانب مان راي، وبراساي، ودريتكول، وكيرتيش، وموهولي ناجي، ودورا مار، مكانته كفنان عالمي بحق.


لكن التقدم في السن واندلاع الحرب العالمية الثانية أجبر ألبان على العودة إلى الهدوء والراحة النسبيين في الإسكندرية عام ١٩٤٠. 

فقد عاش ألبان في أوروبا حتى اشتعلت الحرب؛ وأنذرت السفارة رعاياها بوجوب العودة وأودع أمواله في بروكسل وعاد مرة أخرى لمصر ليمارس الفوتوغرافيا في الاستوديو الخاص به.

ولما لم يرغب في منافسة أبكار ريتيان، قرر ألبان نقل أعماله إلى القاهرة. وسرعان ما بدأ أسلوب الحداثة الجريء والحسي والمشحون بالإثارة الذي طوره في أوروبا يؤثر على أعمال منافسيه المحليين، ومعظمهم من الأرمن. ومن ألبان استلهم مصورون مثل فان ليو وأنجيلو وأرماند أساليبهم المبهرة. وعندما انتقل أندرانيك كوتشار، أحد تلاميذ ألبان الأصغر سنًا، إلى أرمينيا السوفيتية عام ١٩٤٦، جلب معه أساليب هذا المعلم المصري، محدثًا بذلك تحولًا جذريًا في السياق الفوتوغرافي الفني الباهت لأرمينيا السوفيتية.


لا يمكن الاستهانة بدور ألبان في تطوير ما عُرف بمدرسة "القاهرة" للتصوير الفوتوغرافي. بصفته مُرشدًا للعديد من فناني الشتات الأرمني، يستحق أن يُعرَف كأحد أبرز رموز التصوير الفوتوغرافي الأرمني، إلى جانب عبد الله فرير وأندرانيك كوشار. أعماله استثنائية في احتفائها بالإمكانيات الفنية للتصوير الفوتوغرافي ومزيجه الرائع من الحساسيات الجمالية الشرقية والأوروبية.


وأخبره المحيطين أن مقياس نجاحه هو أن يقوم بتصوير الملك فاروق ذات نفسه ولكن ألبان كان يرى أن هذا حلما بعيدا لن يتحقق.

حتى جاءته مكالمة هاتفية تخبره: 

"هنا سراي عابدين.. جلالة الملك يطلب منك الحضور بعد ظهر اليوم لتصويره

اندهش ألبان وقال : "مستحيل .. هذا غير ممكن!"

فجاءه الرد: 

"احمل آلاتك وتعال على الفور إلى سراي عابدين!"


انطلق ألبان فورا إلى السراي ودخل إلى مكتب "بوللي" وقال له ألبان:

" أنه شرف كبير الذي أولاه لي جلالة الملك؛ ولكني لا أستطيع تصوير جلالته فجأة وفورا هكذا؛ أنا لم أر جلالته ولم أضحك معه ولم أكلمه ولم أدرس شخصيته وتعبيرات وجهه فكيف اصوره؟

فسأله بوللي:

"إذن ماذا تريد؟"

فاجأبه ألبان:

"أن يتفضل جلالته ويدعونني لتناول فنجان من الشاي معه 

وبعد أن اعتاد عليه أصوره"

وضحك بوللي قائلا: 

"هل تظن أن جلالته يقبل؟!" 

فرد ألبان:

"انقل له حديثي بالحرف؛ ودعه هو يفصل في الأمر"


وخرج ألبان من المكتب ومر أسبوع ولم يهاتفه بوللي؛ فشعر أن طلبه قوبل بالرفض؛ وفي مساء ذات يوم؛ خرج ألبان من الاستوديو الخاص به ليفاجىء بوجود بوللي أمامه ويقول له " قد جئت في زيارة عابرة ولكن معي ضيف أخر هو الجنرال بينكو بانيللي الايطالي" وقد كان الجنرال هو نفسه الملك فاروق.


وتمكن ألبان من أن يلتقط العديد من الصور الفوتوغرافيه للملك فاروق وكذلك صورة اعلان خطبة الملكة فريدة وكان المصور المفضل لها بشكل عام حيث التقط لها معظم صورها التي زينت أغلفة المجلات مثل صورتها على غلاف مجلة المصور المصرية بعدد ابريل عام 1940 بمناسبة الاحتفال بميلاد ابنتها الأميرة فوزية الصغرى.


ومن أشهر صور ألبان هي صور إعلان خطبة الأميرة فوزية وعدة صور للنبيلة نيفين حليم بالإضافة إلى صور الملكة اليزابيث ملكة بلجيكا وقت زيارتها لمصر.


وفي عام ١٩٥٤، عيّن ألبان شابة تُدعى "كيليان" أو "شيكيه" للعمل كمُحسّنة صور ومساعدة عامة في الاستوديو بالقاهرة. وسرعان ما أصبحت شيك الذراع الأيمن لألبان، وتولّت زمام الأمور في نهاية المطاف. لم يكونا مجرد زميلين، بل كانا رفيقي حياة. ولكي تصبح شيك وريثته الشرعية، تزوجها المصور الفوتوغرافي البالغ من العمر ٧١ عامًا، والذي لم ينجب أطفالًا، عام ١٩٥٤. ويُرجّح أن شيك هي من أخرجت معظم الصور الفوتوغرافية التي التُقطت في استوديو ألبان منذ منتصف الخمسينيات فصاعدًا. وأصبحت اول سيدة مصورة وكانت تعمل معه بالاستوديو وكانت توقع الصور ب"شيكيه ألبان" وأسموها في مصر "شيك ألبان" ومن أشهر صورها صور الباليرينا ماجدة صالح. وبعد وفاة ألبان عام ١٩٦١، أضافت شيك اسمها إلى الاستوديو، الذي ظلّ مفتوحًا حتى تقاعد شيك في منتصف الثمانينيات.

وتُعدّ شيك ألبان "أول امرأة تمتلك وتُدير مؤسسة تصوير فوتوغرافي في مصر". وكان أسلوبها كمصورة أكثر هدوءًا ودقةً من أسلوب مُعلّمها. وكانت صورهامُضاءة بإضاءة هادئة، وأقلّ دراماتيكيةً وبريقًا من صور ألبان. كانت شيك مطلوبة بشكل خاص كمصورة زفاف وتصوير أطفال، كما يتضح من العديد من صورها الباقية للأزواج حديثي الزواج والأطفال الصغار.


لصور أكثر تابعوا التعليقات....

#إيمان_الشرقاوي

0 اكتب تعليقك قبل ما تمشي: