English French German Spain Italian Dutch Russian Portuguese Japanese Korean Arabic Chinese Simplified

2023-08-18

السلطانة ملك

 ليلة نمت فيها

 وصحيت ما لقيتشى بلدي

بلدي يا بلدى 

ويا عيني على بلدي

بين أهلى وناسي

 وبقيت غريب يا بلدي

 ‏بدال ماخاف عليكي

 ‏ بأخاف منك يا بلدي

****





ولدت "ملك حسن تورهان" في ٢٧ أكتوبر ١٨٦٩ بمدينة إسطنبول وقت الخلافة العثمانية (أي بعد حوالي شهر من حفل إفتتاح قناة السويس)، وكان وقتها يحكم مصر الخديو إسماعيل وتحت رعاية السلطان العثماني عبد العزيز الأول، كان والدها نقيبا بالبحرية العثمانية، أما والدتها فالمعلومات عنها غير متوفرة، ويذكر فقط وفاتها حينما كانت ملك طفلة تحبو، الأمر الذي دفع السيدة "جشم أفت هانم" لتبني تلك الطفلة ذات الثلاث سنوات بعد موافقة وترحيب والدها بالطبع.

والسيدة جشم كانت أقرب زوجات الخديو إسماعيل إلى قلبه، ولكنها الوحيدة من زوجاته التي لم تتمكن من الإنجاب؛ فقررت أن تتفرغ لأعمال الخير وكفلت فتاتين هما: "ملك هانم" والتي عرفت أحيانا بإسم أمها بالتبني من فرط حبها لها "ملك جشم أفت" والثانية كانت "فائقة هانم" والتي تزوجت من مصطفى إسماعيل المفتش و أنجبا:

 "حسن، إبراهيم، فهيمة، سيزا، فاطمة، بهية، روحية"

وقدمت جُشم هانم خدمة لكل فتيات مصر عندما أنشئت عام 1873 من مالها الخاص أول مدرسة حكومية مجانية لتعليم الفتيات وهي المدرسة السيوفية التي سُميت بالسنية فيما بعد، وكانت أول مدرسة من نوعها في مصر والشرق كله، استجابة لدعوة رفاعة الطهطاوي بضرورة تعليم البنات. وكانت الدراسة بالمدرسة داخلية مجانية، وبدأت ب 15 معلمة منهن الناظرة واثنتان من الأجنبيات، كما بدأت بخمس تلميذات، وزاد الإقبال حتى وصل العدد إلى 286 تلميذة وكانت البنات الدارسات يحصلن على التعليم والمأكل والملبس وبدون أي نفقات 

وفي عام 1903 تخرجت أول دفعة كانت منهما ملك حفني ناصف (باحثة البادية) و فيكتوريا رياض عوض. 

غيرت مدرسة السنية شكل المجتمع المصري في القرن العشرين وكانت أول مظاهرة نسائية في مصر خرجت من مدرسة السنية عام 1919م.

****

نعود إلى السلطانة ملك.. 

عندما كانت طفلة، كانت أحيانا تذهب إلى قضاء أسبوعين في قصر الزعفران مع نشئة دل قادين وهي إحدى زوجات الخديو إسماعيل؛ لتقضي الكثير من الوقت مع إبنتها الأميرة نعمت مختار.

وتقول أمينة هانم توجاي إبنة الأميرة نعمت عن السلطانة ملك:

"a pocket Venus, tiny but perfectly proportioned, a pretty, lively brunette, with great charm."


****

عاشت ملك في القصر إبنة بالتبني للخديو إسماعيل، وتعرفت على أبنائه وصادقتهم، بل وحتى منهم من أغرم بها كالأمير فؤاد إبن فريال هانم، والذي تذكر إحدى الروايات أنه أحبها كثيرا ولكن والده رفض زواجه منها فلم يراه صالحا لها، ولكنه وافق على زواجها من إبنه المفضل حسين كامل إبن نور فلك هانم، وكان حسين كامل يكبر ملك بحوالي ١٥ عاما، وهذا ليس كل ما في الأمر، فقد كان الأمير حسين كامل قد سبق له الزواج من الأميرة عين الحياة إبنة الأمير أحمد رفعت إبراهيم ( ١٨٥٨- ١٩١٠ )، وقد أنجب منها عدة أبناء، بقى منهم إثنان على قيد الحياة هما:

الأمير كمال الدين حسين ( ٢٠ ديسمبر ١٨٧٤- ٦ اغسطس ١٩٣٢)

الأميرة كاظمة ( ١٦ يوليو ١٨٧٦- ١٩٢١) 

أما الأمير سيف الدين حسين ( ١٨٧٨-١٨٩٨) والأميرة كاملة ( ١٨٧٧- ١٨٩٥) والأمير أحمد كاظم ( ١٨٧٩- ١٨٨٤) والامير يوسف، فقد ماتوا  في أعمار متفاوتة.

وبعد وفاة  أحمد كاظم والأمير يوسف، ساءت الحالة النفسية للأميرة عين الحياة حتى حدث الطلاق بينها وبين زوجها الأمير حسين كامل.

****


وتزوج بعدها الأمير حسين كامل من ملك جشم في ٢٦ ديسمبر ١٨٨٦ وأنجبا ثلاث بنات:

 الأميرة قدرية ولدت في 10 من يناير عام 1888 وتوفيت في ٣ يونيو ١٩٥٥

وتوفيت في 1984 الأميرة سميحة ولدت في 17 من يوليه عام 1889

وأخيرا الأميرة بديعة ولدت 4 يوليه ١٨٩٤، وتوفيت في ٦ نوفمبر ١٩١٣


**** 


 ‏ولم يكن من المتوقع أن يتولى حسين كامل العرش

 عندما تزوجته ملك. فقد تولى الخديو توفيق البلاد بعد عزل والده الخديو إسماعيل، وعندما توفي الخديو توفيق عام 1892، خلفه إبنه الخديو عباس حلمي الثاني، والذي أنجب ولدين هما الأمير محمد عبد المنعم والأمير محمد عبد القادر، أي أن خط ولاية عرش البلاد كان قد تم تأمينه جيدا في ذرية الخديو توفيق

 ‏ومع ذلك ، اتخذت الأحداث منعطفًا غير متوقع مع اندلاع الحرب العالمية الأولى. حيث أطاحت المملكة المتحدة بالخديو عباس حلمي قبل أن يكمل ولي عهده الأمير محمد عبد المنعم السن القانونية، وتم تنصيب حسين كامل حاكمًا جديدًا لمصر في ١٩ ديسمبر ١٩١٤. وقد حصل على لقب سلطان مصر من قبل البريطانيين للتأكيد على أن مصر تابعة للسلطان العثماني. ونتيجة لذلك، حصلت ملك على لقب سلطانة، وأصبحت ملك هي أول سلطانة لمصر في العصر الحديث منذ السلطانة شجر الدر.  ‏

منحها زوجها السلطان حسين وسام الكمال من الدرجة الأولى عام ١٩١٥ ، وكانت عظمة السلطانة ملك لا تظهر أبدا خارج القصر إلا نادرا كمن سبقها من زوجات الحكام، وكانت تحضر عروضا في دار الأوبرا الخديوية وهي تجلس في مقصورة مغطاة بمشربية.

****

اشتهرت السلطانة بارتداء اليشمك الابيض وكانت لها طقوس خاصة تفعلها كل رمضان فكانت تأتي بموكب يضم عربة من عربات الخيل والتي تسمى “الكوبيل، وكانت مبطنة بالحرير حيث كانت تجلس السلطانة، وكان قائد العربة يجلس بجوار فتى يرتدي زيا أزرق اللون بخطوط حمراء و أزرار من النحاس اللامع، وكانت تخرج السلطانة من حقيبتها أكياس بكل كيس عشرة ريالات ذهبية لتوزيعها على الاطفال خاصة الفقراء و الايتام و استمرت هذه العادة طوال عمرها الطويل، فكانت آخر سلطانة توزع الذهب على الشعب.  ‏

****

كانت السلطانة ملك تمتلك ١٨٥ فدان، كما أوقفت 1981 فدانا من الأطيان الزراعية تحت مسمى الوقف الأهلي، كما كان لها وقف بمركز المحلة الكبرى مساحته 1214 فدان صدر منها الأمر به فى 3 / 4 / 1916 . أما قصر السلطانة ملك فقد كان يقع أمام قصر البارون إمبان وقد تحول إلى مدرسة مصر الجديدة الثانوية بنات بعد يوليو ١٩٥٢، ومصمم القصر هو المهندس المعماري الفرنسي ألكسندر مارسيل الذي درس بكلية الفنون الجميلة في باريس، وهو نفس الشخص الذي صمم كنيسة (البازليك) الشهيرة في مصر.والقصر مصمم من الخارج على طراز العمارة الإسلامية مع استخدام مفرداتها الفنية والمعمارية، خصوصًا برجه الذي يشبه قباب المساجد المملوكية. ويتكون القصر من بدروم وطابقين ويحيط به سور حديدي، ويضم البدروم المطبخ ومخازن الطعام أما الطابق الأول فيتكون من عدد من الحجرات للاستقبال والثاني لأجنحة النوم والمعيشة.

وبعد 1952، تم بيع السرير الخاص بالسلطانة ملك على الرصيف لدى أحد بائعي الروبابيكيا، وقد كان من الفضة الخالصة، ووزنه أكثر من نص طن، وكان واحدا من أربعة نسخ أهداها الخديو إسماعيل إلى أنجاله في حفل زفافهم فيما عرف تاريخيا بإسم "أفراح الأنجال"، ومن الأسرة الأربعة واحد فقط لا يزال موجود وهو الخاص بالخديو توفيق، وهو معروض في متحف المنيل بجناح الوالدة باشا، ربما لايزال موجودا بسبب أن الأمير محمد علي توفيق قد أوصى بقصره وما يحويه من كنوز أن يتم تحويله لمتحف بعد وفاته.

وهناك نسخة طبق الأصل من السرير ظهرت في إحدى مشاهد فيلم "الناس اللي تحت" وتحديدا في غرفة نوم ماري منيب بالفيلم، فهل إشتراها الاستوديو من عامل الروبابيكيا؟ أم هي نسخة أخرى؟ وأين ذهبت إذن؟!

****

كما كان للسلطانة ملك قصر آخر بمدينة الأقصر تقضي فيه أيام فصل الشتاء؛ وقد زارتها فيه شلة الزهرية وقت تجوالهم ورحلاتهم؛ ومكثت لوقت طويل مع الأميرة فائزة فؤاد والنبيلة نيفين عباس حليم ذلك اليوم، وقالت عنها النبيلة في مذكراتها:

She had been very beautiful woman and in old age was still lovely and very kind


كما كان للسلطانة ملك قصرا في مدينة الإسكندرية، وهو حاليا المبنى الأساسي لمعهد الدفاع الجوي بجوار المعمورة.

****

توفي السلطان حسين في ٤ أكتوبر ١٩١٧ بقصر عابدين، ونشر نعي السلطان بتاريخ 10 أكتوبر 1917 على النحو التالي:

"مصاب الأمة المصرية بوفاة السلطان حسين..

منذ علمت الأمة المصرية أن سلطانها العزيز اشتد عليه الداء العياء وأنه لا يكاد يرجى له شفاء، باتت كئيبة لا يطيب لها عيش ولا يهنأ لها هناء، وهي مع ذلك تغالب اليأس بقوة الرجاء وتضرع إلى الله أن يخطئ فيه حساب الأطباء، حتى صح الصحيح بالأمس، وانقطع حبل الرجاء ولبى سلطاننا العزيز دعوة ربه، ففارقت روحه الطاهرة دار الشقاء والفناء إلى جنة الخلد ودار النعيم والبقاء...."

****

"السلطان حسين كامل بنى قصره المعروف بقصر السلطانة ملك عندما كان أمير  (تحمل الرسومات المعمارية للقصر اسم الأمير حسين كامل بتاريخ مايو ١٩٠٨) على ان يدفع ثمنه بالتقسيط وبعد وفاته في اكتوبر ١٩١٧ لم تستطيع السلطانة ملك تسديد الاقساط فإستردت شركة مصر الجديدة القصر وتمت التسوية على ان تقيم السلطانة ملك التي إحتفظت بلقب سلطانة بعد وفاة زوجها وذلك مقابل ايجار شهري ١٠٠ جنيه كانت تدفعها للحكومة المصرية."

من كتاب قصور الرجعية للدكتور  محمود احمد الجوهري وهو ضابط سابق بالجيش وكان مشرف على القصور المصادرة ومحتوياتها وقد نشر هذا الكتاب سنة ١٩٦٤ الناشر المكتبة القومية.


****

 وبعد رحيل زوجها رفض إبنه الأمير كمال الدين حسين أن يتولى عرش البلاد؛ فذهب العرش إلى من كان مغرما بالسلطانة ملك ذات يوم.. "السلطان فؤاد"، والذي سرعان ما تحول لقبه إلى (الملك) بعد إعلان إستقلال مصر عام ١٩٢٢

وقد أصدر الملك فؤاد أمرا ملكيا في ٢ يناير ١٩٣٢ بأن تكون أسبقية السلطانة ملك بعد صاحبة الجلالة الملكة نازلي وقبل جميع أميرات ونبيلات الأسرة الحاكمة، فكان موقعها في البروتوكول الملكي بعد الملكة نازلي مباشرة، كما أن الملكة نازلي كانت أحيانا تشكو إليها من سوء معاملة الملك فؤاد لها؛ فكانت تتحدث إليه وكان يخضع فورا لكلامها وينفذ رغباتها، وربما كان ذلك بسبب أنه كان متيما بها عشقا منذ صغره.


كانت مخصصات السلطانة ملك ٦٠٠٠ جنيه سنويا منذ عام ١٩٢٢ وحتى عام ١٩٥٢ وكان يتم تحويل الأموال على البنك الأهلي، كما تم إدراج فرع خاص بتكاليف معيتها؛ أي القائمين على خدمتها من الوصفات والتشريفاتية، في حين أن الملكة نازلي لم تتمتع بهذا البند، فكان لها ديوان خاص بها تتولى وصيفاته مسئولية القيام بالكثير من الأعمال نيابة عنها.

أما عن تكاليف معية السلطانة ملك فمن العام ١٩٢٢ وحتى عام ١٩٢٦ كانت ١٧٦٨ جنيه، وفي عام ١٩٢٧ كانت ١٧٧٩ جنيه، وفي عام ١٩٢٨ كانت ١٣٦٨، وفي عام ١٩٢٩ كانت ١٣٨٠ جنيه، ومن العام ١٩٣٠ وحتى ١٩٣٢ وصلت إلى ١٣٩٢ جنيه، وفي عاميي ١٩٣٣ - ١٩٣٤ بلغت ١١٨٨ وفي عام ١٩٣٥ كانت ١٠٦٨ جنيه. 

وقد أوقفت عددا من الأطيان الزراعية تحت مسمى الوقف الأهلي؛ بلغ عددهم ١٩٨١ فدان، كما كانت السلطانة ملك أحد أعضاء لجنة "سيدات الهلال الأحمر المصري" بالإضافة إلى بناتها الأميرات قدرية وسميحة.


****




كان للسلطانة ملك شخصية قوية مبجلة داخل الأسرة، وكانت تحظى بإحترام الجميع، كما كانت تشارك في عدة مناسبات أسرية؛ فمثلا كانت تقضي يوم شم النسيم مع بعض أفراد الأسرة العلوية مثل الأميرة ألفت فاضل والدة الأمير عباس حليم و الملك فؤاد وزوجته الملكة نازلي و الأميرة نازلى حليم و عائشة هانم عزت زوجة الأمير محمد على حسن ومدام محمد باشا ثابت ابنة عم الملكة نازلى و الاميرة حورية حمدى وابنتها الاميرة سميحة حسين.



وقد ظلت السلطانة ملك محتفظة بشبابها ورونقها حتى بعد رحيل زوجها السلطان حسين ، وظلت تحمل لقب السلطانة واستخدمته كثيرا فى كل رحلاتها الداخلية و الخارجية كجواز مرورها نحو التمتع بحياة خاصة فى رحلاتها الخارجية ، وحتى يوم رحيلها ظلت السلطانة ملك تعيش حياتها كسلطانة سابقة لمصر تحظى بإحترام الجميع حتى الصحف والمجلات التى كانت تصدر أنذاك كانت تهتم بإبراز أخبار رحلاتها و نشر صورها مع ضيوفها فى الداخل والخارج ؛ فمثلا في عام ١٩٢٣  رافقت ولي العهد الأمير ليوبولد والملكة إليزابيث من بلجيكا، وقت زيارتهم لمقبرة توت عنخ آمون. 

كما حضرت السلطانة ملك حفل زفاف الملك فاروق على الملكة فريدة وحفل زفاف الأميرة فوزية فؤاد على الشاه بور محمد رضا بهلوي، وكذلك حفل زفاف الأميرة فائزة فؤاد و حفل زفاف الملك فاروق على الملكة ناريمان صادق.

****

كانت ألفت هانم هي وصيفة السلطانة ملك، والتي كانت والدة ناهد رشاد (هذا اسمها بالزواج من الطبيب يوسف رشاد، أما اسمها الحقيقي هو ناهد شوقي بكير)، وناهد رشاد كانت زوجة الطبيب يوسف رشاد ووصيفة الأميرة فوزية فؤاد، كما أن تشريفاتي السلطانة كان محمود بك فهمي والد النجمين حسين ومصطفى فهمي، وأود أن أذكر أن تشريفاتي السلطان حسين كان عطا بك عفيفي ابن أخت محمد محمود خليل بك.

وجسدت شخصية السلطانة ملك في الدراما المصرية في مسلسل "ملكة في المنفى" وأدت شخصيتها الفنانة عايدة عبد العزيز.

أما عن وفاة السلطانة ملك؛ فلابد لنا أن نتطرق للحديث عن عدة أحداث أولا..

سنتحدث عن إحدى بنات السلطانة ملك وهي الأميرة قدرية وهي الإبنة الكبرى لسلطان مصر، وهي قد تزوجت مرتان، الأولى كانت من محمد جمال الدين سري، الذي ولد عام ١٨٨٨ وتوفي في ٦ فبراير ١٩٥٢، ولم تروق منه بأطفال 

والزيجة الثانية كانت من نصيب محمود باشا خيري وأنجبت منه: 

 محمد حسين محمود خيري، المولود في ٢٢ ديسمبر ١٩٢٤

سميرة محمود خيري، المولودة في ٢٧ يوليو ١٩٢٢


وما يعنينا الآن هو "محمد حسين محمود خيري" حفيد السلطانة ملك من إبنتها الأميرة قدرية

وقد كان شابا وسيما فارع الطول، تزوج من الأميرة فوزية عثمان أوغلو، وهي أميرة عثمانية ولدت في ٦ ديسمبر ١٩٢٨ بمدينة باريس فى فرنسا بعد نفي آل عثمان لأوروبا، وهي حفيدة مباشرة للسلطان عبد المجيد الأول، وتوفي والدها بعد ثلاث سنوات من حياة النفي، فظلت هي تواجه حياة المنفى مع أمها وتمكنت فوزية من الدراسة في جامعة السوربون بفرنسا وتخصصت في الصحافة.

وقد جاءت الأميرة فوزية عثمان إلى مصر مع كثير من أفراد آل عثمان حينما سمح لهم الملك فاروق بالمجئ مع توفير سكن ومعاش شهري لهم، وفي مصر تعرفت على حفيد السلطان حسين كامل والسلطانة ملك "محمد حسين محمود خيري" وهو كان يكبر الأميرة فوزية بأربعة أعوام. وكان عمرها وقت الزواج ٢١ عاما 

عاش الثنائى سويا لمدة أربعة أعوام فقط، ولم ينتهي الزواج بالطلاق أو بالوفاة..

بل إنتهى بمأساة..! 

ففي عام ١٩٥٦، تم القبض على حسين خيري بتهمة التآمر على قلب نظام الحكم وإعادة النظام الملكي وقد كان هناك حقا محاولة لإعادة الملكية الملك فاروق مرة أخرى أو لتولية النبيل عمرو إبراهيم الحكم، (هكذا قال عثمان رفعت إبن النبيل عمرو إبراهيم).


ومن وقت القبض على حسين خيري.. 

لم يراه أحد.. 

لم يعرف أحدا مكانه.. 

لم يعلم أحد ماذا حدث له..

بإختصار شديد:

 "ذهب ولم يعد"!

بالطبع كانت الأميرة فوزية تستمع إلى بعض الشائعات، فتارة يقولون بالسجن، وتارة يقولون لا نعلم مكانه، وأحدهم قد أخبرها إن جسده قد تمت إذابته بفعل بعض المواد الكيماوية بعد التعذيب، فلا تنتظر خبرا عنه أو حتة جثة!

كانت حينها فوزية في ربيعها الخامس والعشرين وظلت تنتظر عودة زوجها، ورفضت أن تستسلم لفكرة وفاته وتتزوج مرة أخرى، وعاشت حياتها على ذكرى أربعة أعوام عاشتها مع زوجها. 

وإضطرت بعد فترة لمغادرة مصر والعودة إلى فرنسا وعملت في اليونسكو عام ١٩٦٢، كما كانت تقوم برعاية والدتها حتى وفاتها في ٢٠٠١، وتوفيت الأميرة فوزية في ٧ أبريل ٢٠١٤ وكانت وقتها ٨٥ عاما ودفنت بجوار والدتها في باريس.


أما الأميرة قدرية حسين كامل، فقد توفيت قبل القبض على إبنها بعام واحد، حيث توفيت عام ١٩٥٥

وفي عام ٢٠٠٧ توفيت سميرة خيري إبنة الأميرة قدرية وشقيقة محمد حسين خيري، دون أن تعلم ماذا حدث لشقيقها..

أما السلطانة ملك فقد توفيت في نفس عام القبض على حفيدها، حيث توفيت في ٤ فبراير  ١٩٥٦ ودفنت بمقابر الأسرة بالرفاعي، وكان عمرها وقتها ٨٦ عاما، وذلك بعد أن شهدت عصر الخديو إسماعيل والخديو توفيق والخديو عباس حلمي الثاني والسلطان حسين كامل والملك فؤاد والملك فاروق، بل  وزوال الملكية.

ومن غرائب القدر، أن من أحب السلطانة ملك يوما، كان إبنه سببا غير مباشر في معاناة حفيدها نتيجة لعدم محافظته على عرش أجداده!


****





يا عزيز عينى

 وأنا بدّى أروّح بلدي

بلدى يا بلدى

والسلطة خدت ولدي

#إيمان_الشرقاوي

0 اكتب تعليقك قبل ما تمشي: